جنرال فرنسي : التدخل التركي في ليبيا خطر على أوروبا

باريس (عربي times)

اعتبر الرئيس السابق للبعثة العسكرية الفرنسية لدى الأمم المتحدة الجنرال دومينيك ترينكوان أن تدخل تركيا في ليبيا يشكل 3 تهديدات لأوروبا، وأنّ أوروبا لن تقبل بالواقع الذي فرضه أردوغان.

وقدّم ترينكوان في مقال تحليلي نشرته صحيفة ”لاكروا“ الفرنسية، اليوم الجمعة، قراءة لأبعاد التدخل التركي في ليبيا، والمخاطر والتداعيات المباشرة له على أوروبا وفرنسا بشكل خاص.

وقال ترينكوان: ”قبل بضعة أيام تم القبض على 4 مواطنين أتراك في أسطنبول بتهمة التجسس لحساب فرنسا، وهذا الحدث يُضاف إلى تصاعد التوتر بين تركيا وفرنسا، وهما دولتان عضوان في حلف شمال الأطلسي (الناتو).. التوتر بلغ ذروته في، 10 يونيو / حزيران الجاري، عندما هددت سفينة تركية بمهاجمة بارجة فرنسية في البحر الأبيض المتوسط“.

وأضاف: ”منذ زيارة رجب طيب أردوغان إلى باريس في بداية ولاية إيمانويل ماكرون، التي بدأت في تحسين العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وباريس لم يتغير شيء بين البلدين، بل حصلت في الأشهر القليلة الماضية سلسلة من حالات سوء الفهم، والانتقادات التي تطرقت إلى الملفين اللذين يثيران الذعر الشديد في الخارجية الفرنسية اليوم، وهما سوريا، وليبيا“.

وتابع الجنرال المتقاعد، قائلًا: ”منذ الإطاحة بالقذافي في العام 2011 عادت البلاد إلى حالة من الفوضى، حيث ازدهرت الجماعات الإسلامية هناك، وبعضها أثرى نفسه بمكاسب تهريب المهاجرين، بينما تنقسم البلاد إلى قسمين: من جهة تسيطر حكومة الوفاق على طرابلس، ومن ناحية أخرى يسيطر المشير خليفة حفتر على شرق ليبيا“.

واعتبر ترينكوان أن فرنسا ”كانت مذنبة في عدم الاهتمام بالقضية الليبية، وأن الافتقار إلى الاستمرارية في سياسة باريس ساهم بتدهور الوضع على الأرض مع الإنشاء السريع لاقتصاد الحرب ما تسبب بحلقة مفرغة“، وفق تعبيره.

وأشار إلى أنه: ”منذ أبريل / نيسان 2019 وبداية هجوم حفتر على طرابلس كانت ليبيا في قلب الجغرافيا السياسية العالمية، فالعديد من البلدان لديها مصالح هناك وتتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر (..) ورأت فرنسا أن أيديولوجية الإخوان المسلمين تمثل تهديدًا ومنذ ذلك الحين سعت إلى تعزيز المبادرات الدبلوماسية لصالح السلام عن طريق التفاوض“.

وقال المحلل العسكري الفرنسي: ”تركيا التي يرأسها بطل الإسلام السياسي لها مصالح تاريخية في ليبيا، كجزء من الدولة العثمانية السابقة، وهي تُظهر اليوم مصالحها في منطقة البحر الأبيض المتوسط الغنية بموارد الغاز الطبيعي والتي تطمع بها إدارة أردوغان“.

وتحدث ترينكوان عن طريقة التدخل التركي في ليبيا، قائلًا:“قرر الرئيس أردوغان بدعوة من حليفه فائز السراج في يناير 2020 وبموافقة البرلمان التركي التدخل عسكريًا في ليبيا، وفي انتهاك لحظر الأمم المتحدة أرسل معدات عسكرية وضباطًا ومرتزقة كتعزيزات، ما قلب المعطيات على الأرض بالكامل.. بفضل الدعم العسكري التركي حققت حكومة السراج انتصارات عسكرية وهي اليوم على أبواب مدينة سرت“.

وخلص ترينكوان إلى القول: ”وجود ليبيا بهذا النفس التركي يمثل خطرًا ثلاثيًا على فرنسا وأوروبا، الأول هو زعزعة الاستقرار في ليبيا، التي تقع عند بوابات أوروبا.. بعد فشل قوات حفتر قبالة طرابلس من الواضح أن الحل السياسي فقط هو الذي سينجح ومع ذلك فإن الانتصارات الأخيرة لحكومة الوفاق الوطني دفعتها إلى اللعب بقوة من خلال التقدم نحو سرت الأمر الذي لا تستطيع مصر قبوله وقد أعلنت بالفعل نواياها، ولا يمكن لحلفائنا التونسيين والجزائريين أن يقبلوا بزعزعة الاستقرار على حدودهم“.

وأضاف: ”الخطر الثاني يكمن في تماسك الأوروبيين داخل حلف شمال الأطلسي وفي انتظار موقف واضح من الولايات المتحدة يبدو الأوروبيون غير قادرين على تذكير تركيا بأنه من غير الممكن أن تكون داخل الحلف وخارجه في الوقت نفسه، وأن التحالف يفترض جملة المصالح التي لم تعد تركيا تشاركها“.

وأما الخطر الثالث بحسب ترينكوان فهو ”أن مغامرة أردوغان أظهرت أن استخدام القوة أصبح أسلوبًا شائعًا.. وتساءل: ألا تواجه أوروبا ميونيخ جديدة؟ قبل أن يستدرك أن أوروبا مهد الديمقراطية تنسى أن الديمقراطية هي معركة يجب خوضها، وأن كثرة الترددات هي علامة ضعف تؤدي إلى خسارتها“.

واستشهد الجنرال الفرنسي السابق بمقولة لوينستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني زمن الحرب العالمية الثانية حين قال:“لقد أردت السلام على حساب العار، لكن نلت العار وشهدت الحرب“.

وختم ترينكوان مقاله قائلا: ”دعونا نستلهم من بعد نظر الجنرال ديغول  وتصميمه.. يسمح لنا التدهور الأخير في الوضع الليبي برؤية الخطر الثلاثي الذي يهدد أوروبا، واليوم لا يمكن لأوروبا أن تقبل الأمر الواقع الذي فرضه أردوغان على عتبة بابها، حان الوقت للرد“.

Comments are closed.