سن الأربعين بداية الخريف  أم ربيع العمر ؟

القاهرة (عربي times  ) –

ينقسم عمر الإنسان إلى مراحل تنطلق منذ الشهور الأولى عندما يكون رضيعا وفي بداية اكتمال بناء جسمه وعقله ومداركه، ثم فترة الطفولة وهي المرحلة التي يتعلم فيها أبجديات الحياة ويكتمل فيها جسمه، ثم مرحلة المراهقة والشباب وهي الفترة الأكثر حيوية باعتبار اكتمال بناء الجسم والعقل ويكون خلال هذه الفترة في أوج القوة، ثم يدخل مرحلة الكهولة أي ما بعد الأربعين أو ما يصطلح عليه البعض بشباب الشيخوخة وهي فترة انتقالية بين الشباب والشيخوخة آخر مراحل الحياة، وتتسم كل مرحلة من هذه المراحل بخصائص صحية معينة يجب على الإنسان مراعاتها.

هناك قاعدة علمية تؤكد أن تكوين الإنسان الجسماني مصمم من حيث متانة البنية على العيش والبقاء بسلام مئة وعشرين عاما، وفي سن الأربعين تعتري الجسم تغيرات تؤشر لبداية مرحلة جديدة هي الشيخوخة فيظهر الشيب مثلا ويشعر الإنسان بأنه بدأ يفقد بعضا من حيوية مرحلة الشباب وقوتها. غير أنه في الآن نفسه يكون في مرحلة نفسية وعقلية تتصف بالاتزان والنضج والرشد وأحيانا الحكمة.

يقول د. أحمد عبدالحميد أستاذ الطب النفسي: “الإنسان يستطيع أن يتمتع بالحياة في مختلف مراحل العمر، وكل إنسان يمر بهذه المراحل من الطفولة إلى الشيخوخة، ومن الأفضل أن نقسم هذه المراحل بخصائصها النفسية وليست البيولوجية، فالإنسان يتفاعل مع الحياة ويعيشها حسب خصائصه الفكرية والوجدانية والتي تختلف من مرحلة إلى أخرى، فرؤية الطفل للحياة تختلف عن رؤيته في سن الشباب وكذلك تختلف عن رؤيته في سن الكهولة وما تلاها حتى أرذل العمر ويعود ذلك لتفاوت درجات النضج”.

وعن الأمراض التي تحدث بعد سن الأربعين تؤكد د. نادية قيصر زماري أستاذ الأمراض الباطنة فتقول: “أهم الأمراض التي تصيب الإنسان في تلك المرحلة هي السكري، وهو في حد ذاته ليس مشكلة ولكن مضاعفاته هي الأخطر خاصة في حال عدم اكتشافه مبكراً، فقد يصيب الشخص بشكل هادئ أو بطيء، وقد لا يشكو المريض شيئاً ثم يكتشف صدفة أنه مريض بالسكري عندما يقوم بفحوص طبية تهم البول أو الدم، وقد يشكو من تعب في الأسنان، أو فقد الوزن أو ضعف عام”.

مثل هذا المريض قد يعالج بواسطة اتباع نظام غذائي معين، أو باستخدام بعض الأدوية، فلكل مريض طريقته في العلاج، وفي الغذاء، وفي العناية تبعاً لحالته وتبعا لرؤية الطبيب المتابع لحالة المريض.

التمتع بالحياة وتوفير الظروف لذلك أفضل الطرق لشباب وصحة دائمين

وتؤكد د.نادية أن الاستمتاع بعد الأربعين، يستلزم من الشخص توخي الاعتدال في كل شيء، خصوصاً في التغذية، مشيرة إلى بعض الأمراض التي قد تظهر بعد سن الأربعين ومنها مرض تصلب الشرايين الذي قد يكون علامة على ممارسة الإنسان لسلوكيات غير صحية مثل كثرة تناول المواد الدهنية، أو معاناته من السمنة وأمراض البدانة.

 

كما أن هناك أمراضاً أخرى قد تبرز في بداية هذه المرحلة مثل ضغط الدم، وقرحة المعدة، وأمراض الكلى، وأمراض القلب، لكن كل هذه الأمراض ليس مرجعها سن الأربعين، كما يعتقد البعض، بل إنه في هذا السن تظهر نتائج ما اكتسبه الإنسان في حياته من فوائد وأضرار نتيجة ممارساته الحياتية السابقة.

أما د.شهاب الدين فتحي استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية فيقول: “يظل القلب ينبض بالحياة طول عمر الإنسان، ويظل يخفق للانفعالات مستجيباً لها دائماً، والقلب يستعد لذلك، فهو يجدد خلاياه، ويغيّر من طبيعة أنسجته وأدواته ليواجه الزمن، وتظل كفاءته واحدة لا تتغير بمضي العمر”.

ويقول د. ماهر أحمد القبلاوي أستاذ العلاج الطبيعي والسمنة بجامعة القاهرة: “الرياضة الخفيفة بعد الأربعين واجبة وضرورية كوقاية من حدوث الأمراض التي تبدأ مع هذه السن، لذلك يجب على الإنسان ممارسة السباحة، والمشي، والجري الخفيف البطيء، والتنس، وكرة الماء وغيرها، فكل هذه الرياضات تعمل على تنشيط الدورة الدموية للجسم كله”.

وعن خلايا الجسم يقول د. محمد بهائي السكري، أستاذ علم وظائف الأعضاء بطب الأزهر: مع تقدم السن تحدث تغيرات ملموسة في جسم الإنسان تشمل الأنسجة والخلايا والأعضاء المختلفة، حيث إن خلايا الجسم تنقسم من حيث قدرتها على الانقسام وتجديد نفسها إلى ثلاثة أنواع وهي:

  • خلايا غير ثابتة: لديها القدرة على الانقسام وتتجدد باستمرار مثل خلايا بشرة الجلد، وكرات الدم.
  • خلايا ثابتة: لها القدرة على الانقسام إذا لزم الأمر، إلا أنها لا تنقسم كثيراً، تحت الظروف العادية، مثل خلايا العظام.
  • الخلايا الدائمة: لا تمتلك القدرة على الانقسام ولا يزيد عددها منذ مولد الإنسان حتى نهاية عمره، لكنها قابلة للنمو واكتساب قدرات جديدة، مثل خلايا المخ.

وبالتقدم في السن، تبدأ الخلايا القابلة للتجدد والقادرة على الانقسام في فقد قدرتها تدريجياً على استبدال ما يتلف منها مثل خلايا البشرة، وكرات الدم، ويظهر ذلك على الجلد، فتصبح طبقاته أقل سمكاً، كما تصبح الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي، أكثر عرضة للتلف، وتقل إفرازات العصارات الهضمية، والأغشية المخاطية، بالإضافة إلى أن كرات الدم تقل قدرتها على التجدد، ومع مرور السنوات، يحدث تناقص مستمر في عدد الخلايا الدائمة غير القابلة للتجدد، مثل خلايا المخ والعضلات وغيرها من الأعضاء المختلفة.

أما د. عبدالرحمن كاظم استشاري أمراض النساء والتوليد فيقول: “أزمة منتصف العمر أو سن التغير الذي أطلق عليه “سن اليأس″ خاصة بالنسبة إلى المرأة تعتبر خطأ وهي تعقيدات شائعة، فعندما تأخذ الحياة الزوجية في تلك الفترة منحنى عنيفاً وحاداً أحياناً، يكون للعامل الهرموني دور كبير في إحداث هذه التغيرات”.

ويمكن النظر لهذا العمر بالنسبة إلى المرأة على أنه مرحلة تبلور أفكارها ونضجها وشعورها بأهميتها في الحياة، وأن بلوغها هذا السن لا يؤثر على أنوثتها، ولا يقلل من جمالها وعطائها، فقيمة المرأة كإنسانة لا تحددها حالات الحمل والولادة وحدها، غير أنه في مجتمعاتنا الشرقية يعيبون على المرأة اعتناءها بنفسها إذ ما تقدمت بها السن، خاصة إذا ما كانت أرملة أو مطلقة وذلك على غير ما هو كائن في المجتمعات الغربية التي تحترم خصوصية الإنسان، وهو ما يؤثر عليها نفسيا أكثر منه بدنيا.

ويرى د. محمد فوزي استشاري أمراض الباطنة أنه: “يجب على الإنسان في تلك المرحلة التعوّد على الاستيقاظ مبكراً والنوم ثماني ساعات فقط، والتوقف عن التدخين، والابتعاد عن السمنة لحمايته من أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وتقليل تناول الدهون الموجودة في اللحوم والأجبان وغيرها، والاستعاضة عنها بزيت الزيتون والأسماك، كذلك تجنب الإصابة بالإمساك، وعدم التعرض للشمس لفترات طويلة، والابتعاد عن ضغوط الحياة والقلق والتوتر، والإقلال من تناول المأكولات المحفوظة”.

إذن فسن الأربعين يعتبر فترة انتقالية لجسم الإنسان ونفسيته لذلك يجب أن يحرص على مراعاة خاصيات جسمه ونفسيته كي يحيط نفسه بأفضل سبل الرعاية التي تمكنه من التمتع بحياة صحية جيدة، تؤهله للدخول في المرحلة الموالية -وهي الشيخوخة- وهو في كامل قدراته البدنية والنفسية والعقلية ليعيشها هي أيضا بطريقة جيدة.

Comments are closed.