فيلم “نداء البرية”.. حبكة لطيفة تلامس المشاعر الإنسانية

واشنطن (عربي times)

يقدم الفيلم الأمريكي ”نداء البرية/The Call of the Wild“ الصادر، مطلع العام 2020، حبكة لطيفة تلامس المشاعر الإنسانية.

والعمل مقتبس عن رواية تحمل العنوان ذاته للكاتب جاك لندن، وهو إعادة إنتاج لنسخة سابقة صدرت في ثلاثينيات القرن الماضي.

وتدور أحداث العمل حول كلب ”مدلل“ يُدعى باك، يعيش حياة مرفهة كما لو أنه بشري، إلى أن يتعرض للاختطاف من منزله في كاليفورنيا الأمريكية، وحين يحاول الهرب يجد نفسه على متن سفينة متجهة إلى مدينة يوكون التابعة لولاية أوكلاهوما، وهناك يصادق رجلًا طيبًا لتبدأ رحلته في الحياة البرية.

ويفتتح المخرج أولى مشاهد العمل أثناء تحضيرات الخدم لحفلة عشاء في حديقة القصر، إلا أن ”باك“ يتجه إلى طاولة الطعام بعد ترتيبها ويخرّب كل شيء، ويركض ليأخذ مع العائلة صورة تذكارية حاملًا بفمه قطعة دجاج كبيرة.

وهنا ينجح المخرج بجذب المُشاهد لشخصية الكلب منذ اللحظة الأولى، مرتكزًا على أسلوب البساطة والسلاسة في سرد الأحداث، ليتسرب الفيلم إلى أعماق المتلقي، ويلامس مشاعره الإنسانية.

ويخلق العمل إشارات استفهام عدة؛ كيف يستطيع الكلب أن يبرع بإتقان دوره على أكمل وجه؟ وكيف ينجح بالتمثيل بهذا الشكل؟ وكم احتاج من التدريب حتى يصبح بهذا الذكاء؟

ويصور المخرج عقاب ”باك“ برميه على عتبة المنزل ليقضي ليلته خارجًا، بسبب خطيئته بنزع طاولة الطعام، وإحراج العائلة أمام الضيوف، وهو غير معتاد على حياة التشرد والبرية.

وفي هذه الأثناء يخطط أحد اللصوص لسرقة ”باك“ وعرضه للبيع، وبالفعل يقع ”باك“ في الفخ حين رمى له اللص طُعمًا من الحلوى في قفص خشبي.

ويتعاطف المُشاهد مع لقطات احتجاز ”باك“ داخل القفص، ومحاولته الفرار، لكن الخاطف يعنفه ويضربه ليجلس بهدوء، ويكف عن البحث عن مخرج.

وفي غفلة من الخاطف، يستخدم ”باك“ ذكاءه ويتصدى لمجموعة رجال، وينجح في الفرار من الغرفة، ولكن ملامح الصدمة بدت بارزة على وجهه حين وجد نفسه على متن سفينة بحرية، لتتراجع عزيمته، ويقرر الاستسلام لقدره.

وتتصاعد الأحداث مع شراء ساعي بريد لـ“باك“، وضمه إلى فريقه المتضمن كلابًا على درجة عالية من التدريب، تعمل في قطاع البريد، إذ تنحصر مهمتها في الجري بسرعة بقيادة كلب يترأس الفريق، وخلفه باقي الكلاب وتتصل جميعها بحبال ثخينة تستطيع من خلالها جر العربة لتتزلج على الجليد.

ويبدأ ”باك“ بمواجهة صعاب البرية، لأنه لم يعتد النوم خارجًا، وأقدامه لم تعتد ملامسة الثلج، مع صعوبة النوم في طقس قاسٍ بدرجات حرارة منخفضة جدًا.

ويستمر ”باك“ بالعمل متثاقلًا، ولكن ساعي البريد لا يفقد إيمانه بقدرات الكلب الذكي، وأنه سيتعلم بسرعة ويتطور بشكل مذهل.

وفي زمن قياسي يعتاد ”باك“ على حياة الصعاب، ويصبح قائدًا للفريق، وينال الإعجاب والثقة، ودعم ذلك المشهد المؤثر لغرق صديقة ساعي البريد داخل الجليد، ومسارعة ”باك“ بالقفز داخل المياه المتجمدة، وإنقاذه من موت محتم.

وفي جانب آخر نشهد المعاناة التي يعايشها ”باك“ مع انتقال الفريق بأكمله للعمل لدى رجل جشع عديم الشفقة يدعى هال، ويستنزف طاقة الكلاب في الجري مسافات طويلة باحثًا عن ذهب مدفون حتى يأتي رجل عجوز يدعى ”جون“ وينقذ ”باك“ من جشع هال وقسوته.

وفي مشاهد البرية يزداد الارتباط بين ”جون“ و“باك“ وتنشأ بينهما صداقة قوية ليمارسا أنشطة يومية، من صيد الأسماك إلى الطيور، واستخراج الذهب، ويقضيا أغلب وقتهما معًا.

وفي جانب آخر، ينجذب ”باك“ إلى أنثى ذئب أبيض، ليتنقل بين صديقه العجوز والذئبة، وتنقلب الأوضاع فجأة دافعة ”باك“ إلى طريق الانتقام بعد أن وجد طريقه وأصبح سيد نفسه.

ويستعين المخرج برؤى روحية تراود ”باك“ أثناء تعرضه للخطر فيظهر أمامه ذئب أسود من الخيال وكأنه مرشد روحي له، فإما أن يستدل إلى اتجاه الطريق عند رؤيته، أو يكون على وشك الاستسلام، فينهض مرة أخرى ويستعيد قواه.

ولامس العمل عواطف المُشاهد، وعزز من إيجابية اقتناء حيوان لطيف وتربيته، وإنشاء صداقة ودية معه.

ونجح العمل بخلق أجواء عاطفية بإطار كوميدي تفاعلي، من خلال طرحه نموذجًا عن الإخلاص المطلق، والمشاعر النقية الكامنة لدى الحيوانات، بحركات ”باك“ اللطيفة، وتعابير وجهه، وحبه للطعام بطريقة مضحكة، وشراسته في الأوقات الجدية، وذكائه في لحظات الخطر، وإخلاصه الدائم.

والعمل من إخراج كريس ساندرز، وسيناريو مايكل جرين، وشارك في بطولته: هاريسون فورد، ودان ستيفنز، وعمر سي، وكارين جيلان، وبرادلي ويتفورد، وكولين وودل.

Comments are closed.