لندن (عربي times)
يترافق الاتساع الهادئ لحالات حسر البصر (أو قصر النظر) في كل البلدان المتقدمة، مع تسجيل النظارات التي تبطئ هذا النوع من اضطراب الرؤية لدى الأطفال نتائج فاعلة؛ ما يوفّر أملاً في الحد من مشكلة صحة عامة يبدو أنها ستكون كبيرة.
وتقول كارولين بوديه، وهي والدة تلميذ يُدعى بول وتعمل في مجال الكتابة في نانت الواقعة غرب فرنسا، “قبل سنتين، أخبرتنا مدرّسة بول بأنه يعجز عن رؤية أي شيء مكتوب على اللوح في الصف”.
وعندما زار بول برفقة والديه طبيبة عيون لمعاينة وضعه، شُخّص بول بمعاناته “قصر نظر كبيرًا”، مع العلم أنّ أحدًا من أفراد الأسرة لا يواجه هذا الاضطراب الذي يصبح المصاب به عاجزًا عن رؤية الأشياء واضحةً من بعيد، بسبب وجود مسافة كبيرة جدًّا بين القرنية والشبكية.
ثم أعلمتهم الطبيبة بعلاج يتمثل في نظارات جديدة نوعًا ما، تعمل على إبطاء تدهور قصر النظر.
وتقول كارولين بوديه “في غضون عام واحد، أتت النتيجة إيجابية لأنّ وضع بول كان مستقرًا”.
وتستند هذه النظارات التي توصف بأنها تُبطئ قصر النظر وتُباع في فرنسا منذ نحو سنتين تقريبًا، إلى تقنيات مُدمجة من شأنها تصحيح الاضطراب البصري ولكن أيضاً إبطاء تدهوره لدى الأطفال المصابين بقصر نظر قابل للتوسع.
وتناولت دراسة نشرت مطلع نيسان/ أبريل في مجلة “ساينتيفك ريبورتس”، وضع مجموعة من الأطفال يضعون نظارات “ميوسمارت” التي ابتكرتها شركة “هويا” اليابانية، ضمن فترة 6 سنوات.
وخلصت الدراسة إلى تسجيل تباطؤ في قصر النظر وعدم رصد “تأثير ارتدادي” لدى الأطفال عند توقفهم عن وضع النظارات.
وأثبتت دراسات سريرية كثيرة أخرى فاعلية نظارات “ستيليست” التي ابتكرتها شركة “إسيلور لوكسوتيكا” الفرنسية، مشيرة تحديدًا إلى أنّ هذه النظارات جنّبت الأطفال خسارة أكثر من ديوبتر واحد من قصر النظر في المتوسط، على مدى ثلاث سنوات.
وتعمل النظارات من الجيل الجديد استنادًا إلى تقنية مبتكرة، إذ يتم تجهيزها بمجموعة من العدسات الدقيقة التي ترمي إلى تصحيح قصر البصر المحيطي، وهو أحد خصائص قصر النظر، وتاليًا إبطاء حسر النظر.
وأفادت المجموعتان المتخصصتان في الابتكارات البصرية عن تباطؤ في توسّع قصر النظر بنسبة تراوح بين 60 إلى 67% في المتوسط ، مقارنةً بالنظارات التقليدية، عندما يضع الأشخاص نظاراتهم لـ12 ساعة يوميًّا.
واستثمرت شركات متخصصة أخرى في السوق الفرنسية، من أمثال شركة “زايس” الألمانية التي سوّقت منتجها في آسيا بداية.
أغلى من النظارات التقليدية
وتحمل هذه النظارات الجديدة آمالاً للمصابين بحسر البصر، في حين تشير التوقعات الحالية إلى أنّ نصف سكان العالم سيُعانون قصرًا في نظرهم قرابة العام 2050.
ويتفق الباحثون على الفكرة القائلة بأنّ من بين العوامل التي تعزز قصر النظر، زيادة الأوقات التي يمضيها الأشخاص في أماكن مغلقة وقلة تعرضهم للضوء الطبيعي والضغط الكبير على الرؤية القريبة.
وتقول رئيسة الجمعية الفرنسية لطب العيون كلود شبيغ-شاتز “لقد اختبرنا تقنيات كثيرة للوقاية من الإصابة بقصر النظر، لكن هذه المرة الأولى التي نكون فيها أمام تقنية فعّالة، وأنا مذهولة بالفعل”.
وأوضحت أنها تعالج في البداية الطفل الذي يعاني قصر نظر من خلال وصف نظارات تقليدية له. وتقول “في حال ازداد قصر النظر لديه، فسأصف له سريعًا النظارات الحديثة”.
ويقول طبيب العيون في ستراسبورغ جيمي شماس “إنّ هذه النظارات تشكل مكسبًا كبيرًا للأطفال”، مضيفًا “نلاحظ أنّ قصر النظر لدى مَن يضعون هذه النظارات يزداد أقل بنصف مما كنا نتوقّع”.
إلا أنّ العائق الوحيد في المسألة يتمثل في سعر هذه النظارات البالغ نحو 180 يورو، وهو مبلغ يتخطى سعر النظارات التقليدية بنحو مئة يورو، في حين لا تتولى الجهات الضامنة تغطيتها بصورة تامة.
ويرى المدير العام لشركة “هويا فيجن كير” في فرنسا جان ميشيل لامبير، ضرورة في اعتماد نظام أفضل للتغطية.
وفي العام الفائت، اعترفت الهيئة العليا للصحة في فرنسا بخدمة يوفرها القسم المتخصص بالنظارات في شركة “هويا فيجن كير”، معتبرة أنّها “بسيطة”.
وفي معرض دفاعه عن ضرورة أن تتحمل الجهات المعنية تكلفة النظارات، يقول لامبير إنّ “كل ديوبتر واحد يخسره المريض يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض مستقبلية، لكن في حال قمنا بإبطاء توسّع قصر النظر، ستكون التكلفة أقل على المجتمع”.
وعندما يكون قصر النظر كبيرًا أي يتجاوز -6 ديوبتر، يؤدي إلى زيادة خطر تسجيل أضرار مختلفة (انفصال الشبكية، المياه الزرقاء، وإعتام عدسة العين المبكر…)، وهو ما قد يتسبب للمرضى باضطرابات بصرية دائمة.
Comments are closed.