لندن (عربي times)
برزت محنة عشرات الآلاف من الأفراد المفقودين في غزة كواقع مروع للعائلات في جميع أنحاء القطاع، بحسب ما ذكرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، التي أشارت إلى الأعداد الكبيرة من المفقودين، وكذلك إلى الجرحى وحالات الأذى النفسي التي لا تحصى في القطاع.
وقالت الصحيفة إنه منذ بداية الحرب، اختفى عدد مثير للقلق من الأشخاص دون أن يتركوا أثرًا، تاركين أحباءهم يعانون من عدم اليقين والألم والحيرة حول مصيرهم.
وتُلخص قصة أحمد أبو جلالة المحنة المؤلمة، التي تواجهها العديد من العائلات في غزة، حيثُ إنه في محاولة يائسة لإعالة أطفاله وسط موارد متضائلة، غامر أبو جلالة بالخروج في ليلة واحدة للحصول على المساعدات الغذائية، ومن المؤسف أنه لم يعد أبدًا، تاركًا عائلته في حالة من العذاب الدائم.
وحالته ليست فريدة من نوعها، فقد اختفى عدد لا يحصى من الأشخاص بالمثل، تاركين وراءهم فراغًا من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها والآمال المحطمة.
واستقبلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ما يزيد على 7 آلاف حالة من المفقودين منذ اندلاع النزاع، لاسيما في خضم فوضى القصف المدفعي والغارات الجوية، حيث تم تدمير مجتمعات بأكملها، ما أدى إلى مقتل الآلاف، وفقدان عدد آخر لا يحصى.
وأكدت الصحيفة أن الواقع المرير للمقابر المؤقتة والشوارع المليئة بالركام هو بمثابة تذكير مؤلم بالخسائر البشرية التي سببها الصراع.
وبالنسبة للعائلات مثل عائلة راجي كمال خليل، فإن البحث عن أحبائهم المفقودين هو رحلة مؤلمة مليئة باليأس والشوق، منفصلًا وسط فوضى العنف العشوائي، يتمسك خليل بالأمل، مشتاقًا إلى أخبار زوجته وابنته الصغيرة.
وعلى الرغم من الصعوبات الهائلة التي تواجههم، ترفض العائلات التخلي عن الأمل، وتتشبث بالاعتقاد بأن أحباءهم ربما لا يزالون على قيد الحياة، وإن كانوا ضائعين وسط الاضطرابات.
وأكدت “الغارديان” أن محنة المفقودين تتجاوز مجرد الأرقام؛ بأنها شهادة على المعاناة الإنسانية العميقة الناجمة عن الصراع، موضحة أن الأثر النفسي الذي يلحق بالناجين والأطفال والضعفاء نفسيًا، لا يمكن قياسه.
وأضافت أن اختفاء ليلى دغمش أثناء بحثها عن ابنها يسلط الضوء على الصدمة المتفشية التي تصيب سكان غزة، مما يؤدي إلى تفاقم معاناة أولئك الذين تركوا وراهم، مشيرة إلى أنه في خضم الفوضى والدمار، يستمر البحث عن إجابات بلا هوادة، تنقذ العائلات المستشفيات ومراكز الشرطة والملاجئ المؤقتة في محاولة يائسة للعثور على آثار أقاربهم المفقودين.
وأضافت الصحيفة أنه في خضم الفوضى وعدم اليقين، يبقى هناك أمر واحد واضح، وهو أن التكلفة البشرية العميقة للحرب لا يمكن قياسها بعدد الضحايا وحدهم.
وختمت الصحيفة بالقول إنه مع احتدام الصراع، فإن محنة المفقودين هي بمثابة تذكير صارخ بالحاجة الملحة للسلام المصالحة، مؤكدة أنه خلف العناوين الرئيسة والمناورات الجيوسياسية قصص لناس عاديين مزقتهم ويلات الحرب، وإلى أن يتحقيق السلام الدائم، سيظل اختفاء غزة رمزًا مؤثرًا للمأساة الإنسانية التي لا تزال تتكشف وسط اضطرابات الصراع.
Comments are closed.