يقول علماء النفس إننا جميعاً نرتدي أقنعة نبدلها بحسب الظروف لكن تبديل المواطن العادي لقناعه قد لا يعني شيئاً ولا يحمل تأثيراً كما هو حال أقنعة النخبة من الزعامات والساسة والمثقفين فهؤلاء غالباً ما يكونون أكثر خبرة وحرفية في عملية تبديل الأقنعة وهو أمر بالمناسبة لا يقتصر على العراق فقط .
بل قد تكون لعبة الأقنعة من صفات الحنكة السياسية عند الكثير من البلدان .. ولكنها في الحالة العراقية اكثر وضوحا وبشكل كبير.. فأقنعة السياسيين العراقيين أدّت إلى العبث بمصير الملايين من المواطنين وتبذير ثروات البلد الطائلة.. وإلى دخول العراق في دوامة الصراعات والحروب المدمرة التي انتهت كلها إلى لا شيء …. أن هذا النظام مرفوض من قبل الشعب الذي عبر عن هذا الرفض بأشكال متعددة ومختلفة منها مقاطعة الانتخابات ،وخروج مظاهرات تشرين تندد بالعملية السياسية والحكام الخونة حقيقتآ يدافع عنها المتربحون والمنتفعون من جوائزه وامتيازاته ورشاويه من رجال دنيا ودين فاسدين، وإذا كانت عشرون عاماً تلت سقوط صدام لم تمح إفرازاته وذكريات العراقيين عن جرائمه فإن قرنا كاملا بعد سقوط نظام المحاصصة الطائفية لن يكون كافيا لمحو سيئاته وآثامه وجرائمه بحق العراق والعراقيين، وستلعنه وتلعن القائمين عليه وحماته ومباركيه أجيال العراقيين جيلا بعد جيل!.
حالات وأمثلة مشابهة تعج بها ساحات العراق السياسية.. لتترك المواطن مندهشاً لا يملك إجابة منطقية أو مُقنِعة لأغلبيتها، مع ما ساهم به غياب الديمقراطية بمفهومها المدني والسياسي من أغلبية المجتمع في استمرار دهشة المواطن وخوفه جراء مباغتة الأحداث من حوله. زبدة الكلام والخلاصة العملية التي يخرج بها المراقب لتجربة حكم السياسيين المدمِّرة في العراق هي أن الساسة العراقيين حتى لو كانوا ملحدين أو علمانيين سيبقون يتعلقون بهوياتهم الفرعية الطائفية والإثنية والعشائرية التي يزعمون تمثيلها ويدمرون الهوية الرئيسية الوطنية العراقية لأنها تعني نهايتهم! الدنيا كما قال شكسبير مسرح كبير.. وجميعنا نلعب أدواراً فوقه.. الفرق أن بعض الأدوار والأقنعة يكون تأثيرها كارثياً !.
محمد مجيد مختاض
كاتب واعلامي
العراق
Comments are closed.