لندن (عربي times)
يكشف تقريرٌ المشاعر المتناقضة التي تدفعنا لفورة مفاجئة من الكراهية تجاه شخص نحبه.. هذه التجربة المتناقضة متواترة أكثر مما نتصور ولها تفسير عصبي.
هل واجهت من قبل “علاقة عاصفة”؟. علاقة عاطفية من أكثر العواطف، قوة انجرفتْ من دون أن تعرف كيف إلى هاوية الكراهية، هناك أيضًا إخوة تتأرجح روابطهم بين التواطؤ والخلافات الملحوظة. وماذا عن بعض الصداقات؟.
في بعض الأوقات نكره أفضل أصدقائنا إلى حد لا يوصف، وبعد مرور فترة وجيزة نشعر أنهم أكثر الكائنات تميّزًا وإخلاصًا على هذا الكوكب، فالأفراد قادرون على أن يَخبِروا حالات انفعالية معقدة حقًا تتواجد فيها انفعالات يمكن أن نقول عنها متناقضة أو غير متوافقة.
هل هو خاص بنا ومن طبعنا أم أن هناك خللاً في دماغنا؟ في الحقيقة من الحب إلى الكراهية هناك أكثر من خطوة. إنّ ما هو موجود هو طريق سريع ذو اتجاهين ذهابًا وإيابًا، إذ إن أقوى الانفعالات وأكثرها تحديدًا عند الإنسان هي أيضًا أكثر ما يعرفه علم الأعصاب.
لهذا السبب يمكننا تقديم بعض التفسيرات المثيرة للاهتمام حول سبب تجربتنا لهذا الشعور المربك، الشعور بالحب وكراهية في حق شخص ما في نفس الوقت.
أظهر لنا الأدب والسينما أنه كلما زاد الحب قوة، زادت الكراهية. والآن العلم يدعم هذه الفرضية.
القشرة الجزيرية (تعرف أيضًا باسم الجزيرة والفص الجزيري) Insular cortex هي منطقة الدماغ التي تنظم الانفعالات المتناقضة.
الحب والكراهية في الدماغ.. ظاهرة انفعالية عاصفة
يمكن أن يتحول الحب إلى كره في ثوان، في وقت أقل مما تتطلبه فرقعة أصابعك، حدث ما في وقت معيّن يمكن أن يغير كل شيء انفعاليًا. ولطالما جذبت هذه الخيمياء الغريبة انتباه السينما والتلفزيون والأدب. وبالطبع العلم أيضًا. يكفي أن يحدث خلاف لكي ينفجر على الفور ذلك الانفعال البركاني المزعج الذي يجرّ ويُظلم كل شيء، ألا وهو الكراهية.
يقال في كثير من الأحيان إنه لا يمكن أن تكره من تحبه إلا نادرًا، يبدو هذا التعبير شاعريًا للغاية، ومع ذلك يمكن أن تنشأ الكراهية والازدراء أيضًا تجاه الأشخاص الذين لا علاقة لنا بهم. ومع ذلك أيضًا فإنّ الاستياء الذي يظهر ويطفو أمام شخص قريب منا ويمثل جزءًا من حياتنا لا شك يشكل تجربة فريدة بل وخطيرة في بعض الأحيان.
في بعض الأحيان قد تؤدي الكراهية أيضًا إلى العدوانية، وهو أمرٌ شائع في السياقات العاطفية والعائلية، مثال على ذلك العنف الذي يحدث في العلاقات الزوجية، أو في العلاقات بين الوالدين والأطفال. هناك أوقات يمكن أن يكون فيها الشخص الذي يحبنا هو أكثر من يؤلمنا.
منطقة القشرية الجزيرية.. منطقة الآلام والهموم الانفعالية
بفضل التطورات في تقنيات التصوير العصبي استطعنا أن نفهم العديد من الألغاز في عالم علم الأعصاب. لطالما تمت دراسة الحب والكراهية في الدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي. وهكذا فإنّ أبرز الأعمال في علم الأعصاب هي التي نفذتها كلية لندن الجامعية في عام 2008.
اكتشف العلماء أنّ القشرة الجزيرية هي تلك المنطقة من الدماغ التي تعدل انجذاب ونفور الانفعاليين، أي ما إذا كانت هذه المشاعر إيجابية أم سلبية. أحد المعلومات المهمة التي تم الكشف عنها هو كيف يحدث في هذا المجال ما نسميه الآن “تأثير التهييج الانفعالي”.
إنها ظاهرة تتغير فيها الحالة الانفعالية من الإيجابية (الحب) إلى السلبية (الكراهية) في غضون ثوان. إن القشرة الجزيرية هي ما يعرّضنا لحالات التناقض المطلق التي نتناوب فيها بين المودة الأشد والازدراء الأكثر تدميراً .
عندما يشترك الحب والعدوانية في نفس مناطق الدماغ
يقول تقرير نشره موقع nospensees إنّ الحب والكراهية يشتركان في نفس مسارات وهياكل الدماغ. ويشير طبيب الأعصاب سمير زكي، مؤلف الأعمال المذكورة أعلاه، إلى أنّ القشرة الجزيرية نفسها والبَطامَة putamen (وهي بنية دائرية في قاعدة الدماغ الأمامي) ينشطان خلال هذين الانفعالين. ليس هناك فرق. إننا نختبر الوقوع في الحب في نفس المناطق العصبية التي نشعر فيها بالكراهية والازدراء والسخط تجاه شخص معيّن.
من المهم أيضًا ملاحظة أنه يمكن أن تنشط العدوانية والسلوك العنيف في نفس هذه المناطق من البطامة والقشرة الجزيرية. ليس من المستغرب أن تعالّج أحداثٌ مثل الرغبة في الانتقام والأذى في نفس الهياكل التي تحرك الحب الرومانسي.
وهذا يفسر العديد من السلوكيات العنيفة في العلاقات. هناك من يترجمون هذه المشاعر المقلقة إلى عدوانية بدافع الغيرة أو الكراهية الآنية أو السخط.
وهؤلاء يفعلون ذلك على الرغم من حبهم للشخص الضحية، بالطبع تؤثر العديد من المتغيرات الأخرى على هذه الأنواع من التفاعلات، مثل التحكم في الانفعالات أو النماذج التعليمية التي نشأوا عليها.
إن تجربة الحب والكراهية في ذات الوقت تولد تناقضًا كبيرًا وأيضًا إنهاكًا، ومع ذلك فإنّ هذا التناقض الانفعالي له هدف، وهو تعزيز الوعي الذاتي.
التناقض الانفعالي له هدف
قد يكون من المزعج أن يصبح الحب والكراهية في الدماغ شبيهين بطريق سريع ثنائي الاتجاه، وعند بعض الناس قد تكون الآلية هي التي تثير العنف. ومع ذلك هناك حقيقة أخرى يجب أن تجعلنا نفكر.
التناقض الانفعالي الذي يُفهم على أنه الإحساس بشعورين متناقضين في نفس الوقت له نهاية ودلالة، إذ تشير الدكتورة لورا ريس، من جامعة ميشيغان، في دراسة وفقًا للتقرير الذي نشره موقع nospensees إلى أنّ هذا الشعور غير المريح يدفعنا نحو الوعي الذاتي، وأيضًا إلى الالتزام بإصدار حكم، وباتخاذ قرار.
هذا القلق النفسي الذي ينشأ من تناقض انفعالاتنا يكشف عن إحساس بالانزعاج والضيق.
كما أن هذا الشعور بالضيق النفسي الناتج عن تناقض انفعالاتنا يُظهر حالة من عدم الراحة. هناك شيء على غير ما يرام في هذه العلاقة، وبالتالي يجب أن نعالج الحالة. هنا تحديدًا يأتي دور بعض العمليات مثل التفكير والذكاء الانفعالي.
لذا قبل أن ننجرف خلف الصراخ والخلافات فلنشجع الحوار، ولنحاول تسوية خلافاتنا. فلينتصر الحب دائمًا على الكراهية.
Comments are closed.