باتت الأمور تتضح أن قيادة النظام الايراني قد “اختارت” المرشحة الرئاسية للحزب الديمقراطي كامالا هاريس ونائبها تيم وولز، وذلك بعد إجراء حسابات مثيرة ومعقدة، ولكن الخيار لم يكن صعب التكهن.
إذ إن الخط الذي انتهجه الرئيس السابق باراك أوباما ومن بعده الرئيس جو بايدن هو الخط نفسه الذي سوف تنتهجه المرشحة هاريس إن فازت، ولكن ربما أكثر انخراطاً في تشدد أكبر قد يخدم مصالح طهران في نهاية المطاف.
ولكن السؤال الكبير هو: ماذا يعني أن تختار طهران “مرشحاً” لدولة عظمى كأميركا؟ هل لديها قوة إضافية للتأثير؟ وما سوف تكون نتيجة ذلك إن وصلت المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض؟ .
تاريخياً بدأت القيادة الخمينية محاولاتها للتأثير في الانتخابات الأميركية منذ ما بعد احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان واجتياحها العراق وإسقاط النظامين. وصعقت هذه التطورات القيادة العليا في طهران التي خافت أن تلحق الجمهورية الإيرانية بالنظامين ويقوم الأميركيون باجتياح إيران وإسقاط النظام الخميني الحاكم.
أطلقت إيران استراتيجية إسقاط “القرار الأميركي” في واشنطن قبل أن تسقط هذه الأخيرة الجمهورية برمتها. فبدأت بتوسيع نفوذها داخل الجامعات ومراكز الأبحاث والشركات والبيروقراطيات والأحزاب السياسية حتى تمكنت من أن تدخل مراكز القرار مع وصول باراك أوباما إلى الرئاسة في 2009.
واستمرت بتوسيع نفوذها حتى توقيع الاتفاق النووي في 2015. وأدى هذا الأخير إلى قيام لوبي فعال ومتمكن مالياً. وتبين أن التأثير قد أسهم جزئياً في إيصال أوباما إلى السلطة أساساً.
وقد أسهم اللوبي بقوة بالتصدي لوصول دونالد ترمب إلى الرئاسة في 2016، وعند وصول هذا الأخير إلى البيت الابيض أسهمت هذه الكتلة المؤثرة بتكثيف المعارضة ضد ترمب لا سيما وأنه وجه ضربات متعددة للنظام بخروجه من الاتفاق في 2018 ووضع الحرس الثوري على لائحة الإرهاب في 2018. فحشد اللوبي كل قواه إلى جانب فريق أوباما – بايدن في 2020 لإسقاط ترمب.
ويعتقد كثيرون بأن تمويلاً إيرانياً كان يسهم بتظاهرات صيف 2020 وبانتفاضات إدارية ضد ترمب. وكانت هذه التدخلات المفترضة مكنت النظام من أن يفرض قوة اللوبي في الولايات المتحدة على صعيد السياسات الخارجية وبناء تحالفات سياسية واسعة حيال الشرق الأوسط، لم ينجزها إلا اللوبي المؤيد لإسرائيل.
فأضحت طهران، في الوقت نفسه حيث تصطدم مع الوجود الأميركي في المنطقة، تخترق السياسات الأميركية في الداخل، ولا سيما في الجامعات والمؤسسات الإعلامية. وكانت العواصم العربية تتساءل عن مصدر نفوذ إيران في السياسة الأميركية.
والجواب كان ولا يزال النفوذ المالي للاتفاق النووي. ولكن ذلك افترض أن تكون الأجهزة التنفيذية دائماً مؤيدة لأهداف اللوبي، وبالتالي دعم هذا الأخير بكل قواه ثمانية أعوام لأوباما، وأربعة أعوام لبايدن. وكان منطقياً أنه في عام 2024 سيضع اللوبي كل ثقله وراء بايدن.
وليد فارس
الاندبندنت / عربية
لندن
Comments are closed.